إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
شرح رسالة أبو زيد القيرواني
41205 مشاهدة
الحوض


بعد ذلك في عَرَصات القيامة الحوضُ المورود؛ حَوْضُ النبي -صلى الله عليه وسلم- تَرِدُه أمته، لا يظمأ من شرب منه، ويُذَاد عنه مَنْ بدل وغَيَّرَ. قيل: إنه الكوثر إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ وقيل: إنه حوض في عرصات القيامة يصب فيه ميزابان من الكوثر الذي في الجنة، وأن ماءه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، وأن كيزانه - يعني الأواني التي يُشْرَبُ بها - عدد نجوم السماء.
وأن الناس يردونه؛ يعني من أُمَّتِهِ، فَيَرِدُهُ المؤمنون يعرفهم بالْغُرَّةِ والتحجيل من آثار الوضوء، الذين يحافظون على الوضوء، يحافظون على الطهارة، يحشرون يوم القيامة غُرًّا محجلين، بيض الوجوه، وبيض الأيدي والأرجل من آثار الوضوء.
وأما غيرهم فإنهم يُذَادون عنه فيعرفهم بهذه العلامة التي يعرفون بها، ويذاد عنه أهل الكفر وكذلك المرتدون. ورد أن طوله مسيرة شهر، وعرضه مسيرة شهر؛ يعني مسيرة شهر على سير الإبل المعروف قديما، قُدِّرَ في بعض الروايات أنه ما بين عدن إلى بصرى -قرية في الشام - يعني: هذا طوله وكذلك عرضه.
لا شك أن هذا من خصائصه، قال بعض العلماء: إن لكل نبي حوضا، ولكن نبينا-صلى الله عليه وسلم- أكثرهم حظًّا، أكثرهم وارِدًا يَرِدُ عليه، ترد عليه أمته. مَنْ شرب من هذا الحوض لم يظمأ بعدها أبدًا حتى يدخل الجنة، ولو طالتْ المدة، كذلك الذين يُذَادون عنه تذودهم الملائكة مِمَّنْ كفر، أو ارتد، أو بَدَّلَ أو غَيَّرَ.
هذا كله يتعلق بيوم القيامة وما فيه، ونُكَمِّلُ الباقي إن شاء الله بعد الصلاة، والله أعلم، وصلى الله على محمد .